الأربعاء، 22 مارس 2017

كلام نفيس للإمام ابن رجب في الشرف والرياسة

قال الإمام ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-:

"وأمّا حرص المرء على الشرف فهذا أشد هلاكًا من الحرص على المال؛ فإنّ طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرِّياسة على الناس والعلو في الأرض أَضَر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم، والزُّهد فيه أصعب؛ فإنّ المال يُبذل في طلب الرياسة والشرف.

والحرصُ على الشرف قسمان: 

أحدهما: طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال، وهو في الغالب يَمنع خير الآخِرة وشرفها وكرامتها وعزّها. قال الله تعالى: {تلك الدارُ الآخرةُ نجعلُها لِلّذين لا يُريدون عُلُوًّا في الأرضِ ولا فسادا والعاقبةُ للمُتّقين}. وقَلَّ مَنْ يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيُوَفَّق، بل يُوكَل إلى نفسه كما قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم لعبدالرحمن بن سمرة رضي اللهُ عنه: ((يا عبدالرحمن، لا تَسأل الإمارة، فإنك إنْ أُعْطِيتها عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها، وإنْ أعطيتها من غيرِ مسألةٍ أُعِنْتَ عليها)). [متفق عليه].

القسم الثاني: طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد، فهذا أَفحش من الأول وأَقبح وأشد فسادًا وخَطَرًا؛ فإنّ العلم والعمل والزهد إنما يُطلب به ما عند الله من الدرجات العُلى والنعيمِ المقيم، ويُطلب به ما عند الله والقرب منه والزُّلفى لديه.
عن جابر رضي اللهُ عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تَعَلَّمُوا العلم لِتُبَاهُوا به العلماء، ولا لِتُمَارُوا به السفهاء، ولا تَخَيَّرُوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار)). [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]". اهـ


شرح حديث ما ذئبان جائعان ص٣٦-٥٥ باختصار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.