الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وآله،
أمّا بعد،
فها هو الشهرُ المبارَكُ قد اقترب
وهو شهرٌ سمّاهُ النبي صلى الله عليه وسلم: "شهر الصبر". [رواه النَّسَائي (٢٤٠٨) وغيره وصحّحه الألباني]
وقال صلى الله عليه وسلم: "كلُّ عملِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَف: الحسنةُ عشْرُ أمثالِها إلى سبعمائة ضِعف. قال الله عز وجل: إلا الصومَ فإنه لي وأنا أجزي به، يَدَعُ شهوته وطعامَهُ من أجلي". [رواه مسلم (١١٥١)]
وهذا الاستثناء للصوم من هذا التضعيف للحسنات يدل على عِظَمِ ثواب الصوم، وأنّ الله تعالى يجزي عليه الجزاء العظيم
قال العلماء: لأنّ الصوم من الصبر، والله تعالى يقول: {إنما يُوَفَّى الصابرونَ أجْرَهُم بغيرِ حِساب}، يعني: بغير حَد ولا تقدير، والصوم يشتمل على أنواع الصبر الثلاثة: وهي: الصبر على طاعة الله بفِعلها، والصبر عن معصية الله باجتنابها، والصبر على أقدار الله المؤلمة، كالعطش والملل والكسل الذي يحصل أثناء الصيام، لذلك كان للصائم هذا الجزاء العظيم.
⬅️وهنا تنبيهٌ مهم: وهو أنّ الثواب لا يحصل لِمَنْ لم يصبر عن معاصي الله كالغِيبة والشتم وأذيّة الناس والنَّظَر المُحَرَّم والسماع المُحَرَّم وغير ذلك؛
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الصيامُ من الأكل والشرب، إنما الصيامُ من اللغوِ والرَّفَث، فإنْ سابَّكَ أحَدٌ أو جَهِلَ عليك فَلْتَقُلْ: إني صائم، إني صائم". [رواه ابن خزيمة (١٩٩٦) وغيره، وصحّحه الألباني]
اللغو: باطل الكلام، والرفث: الفُحش من القول.
وقال صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائمٍ ليس له مِنْ صيامِهِ إلا الجُوع، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامِه إلا السهر". [رواه ابن ماجه (١٦٩٠) وغيره، وصحّحه الألباني]
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لم يَدَع قَوْلَ الزُّورِ والعمَلَ به فليس لله حاجةٌ في أنْ يدَعَ طعامَهُ وشرَابَه". [رواه البخاري (١٩٠٣)]
قول الزور: كل قولٍ محرَّم، وعمل الزور: كل عملٍ محرَّم.
فلنحرص على تحقيق الصبر في شهر الصبر ونحتسب في ذلك الأجر
قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِه". [متفَقٌ عليه]
نسأل اللهَ تعالى أنْ يبلّغنا رمضان وأنْ يُعِيننا على الطاعةِ فيه وأنْ يتقبل منّا أعمالنا، آمين.
📌يُنظر: التنوير للصنعاني ٩ / ٢٢٨، ووظائف رمضان لابن قاسم ص١٤، وتفسير السعدي ص٧٢٠ سورة الزُّمَر:١٠، وشرح رياض الصالحين لابن عثيمين ٥ / ٢٦٧، وشرح بلوغ المرام لابن عثيمين ٣ / ٢٠٤