قال الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-:
"وأمّا فقهاء أهل الحديث العامِلُون به: فإنّ مُعظَمَ هَمِّهِم: البحث عن معاني كتاب الله عزّ وجلَّ وما يُفسّرُه من السنن الصحيحة وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وعن سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعرفة صحيحِها وسَقِيمِها ثم التفقّه فيها وتفَهُّمها والوقوف على معانيها، ثم معرفة كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان في أنواع العلوم من التفسير والحديث ومسائل الحلال والحرام وأصول السنّة والزهد والرقائق وغيرِ ذلك...
ولا بدَّ أنْ يكون سلوكُ هذا الطريق خلف أئمة أهله المجمَعِ على هدايتهم ودرايتهم كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عُبيد ومن سلك مسلكَهم؛ فإنّ مَنِ ادّعَى سلوكَ هذا الطريق على غيرِ طريقِهم وَقَعَ في مفاوِزَ ومهالِك وأخَذَ بما لا يجوز الأخْذُ به وتَرَكَ ما يجب العَمَلُ به.
ومِلاكُ الأمرِ كلّه أنْ يَقصِدَ بذلك وجهَ اللهِ والتقرُّبَ إليه بمعرفة ما أُنزل على رسوله وسلوكِ طريقِه والعمل بذلك ودعاء الخلْقِ إليه، ومَنْ كان كذلك وفَّقه اللهُ وسدَّده وألْهَمَهُ رشْده وعلَّمَه ما لم يكنْ يَعلم وكانَ من العلماء الممدوحين في الكتاب في قوله تعالى: {إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} ومن الراسخين في العلم".
📚 جامع العلوم والحِكَم ١ / ٢٤٩ - ٢٥٠