الجمعة، 3 أكتوبر 2025

فضل الفقه في الدين ومعناه

 عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:


"مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين".


متَّفَقٌ عليه.


➖قال العلّامة ابن عثيمين-رحمه الله-: "(يفقّهه في الدين) أي: يجعله فقيهًا في دين الله -عز وجل-، والفقه في الدين ليس المقصود به فقه الأحكام العمليّة المخصوصة عند أهل العلم بعلم الفقه فقط، ولكن المقصود به هو علم التوحيد وأصول الدين وما يتعلّق بشريعة الله عز وجل".


📚 مجموع الفتاوى والرسائل ٢٦ / ٢٤

الخميس، 25 سبتمبر 2025

رد على الددو في تنقّصه للدين

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين،

ردًّا على ما زعمه محمد الددو من أنّ النبي ﷺ مات ولم يبيّن للأمة طريقة اختيار الحاكم ومحاسبته وعزله وأنّ هذا يُعتبر من النكبات على الأمة!!

أقول وبالله أستعين: إنّ هذا كلام خطير وعظيم فإنه يتضمن الطعن في الدين واتّهامه بالنقص ويتضمن إضلال الناس عن الصراط المستقيم فإنّ نبيّنا ﷺ قد مات وقد بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وتركها على البيضاء ليلها كنهارها لا يزِيغُ عنها بعده إلّا هالك كما قال عليه الصلاة والسلام

وديننا واضح جدًّا في مسألة الإمامة واستفاضت النصوص الشرعية في وجوب السمع والطاعة لِمَنْ ولّاهُ اللهُ على المسلمين سواء باختيارهم له أو بغلبته عليهم، حتى قال رسول الله ﷺ كما في الصحيح: (مَنْ خَلَعَ يدًا من طاعة لقِيَ اللهَ يومَ القيامة لا حُجَّةَ له) قال أبو العباس القرطبي: لا حُجّة له لأنّ النبي ﷺ أبْلَغَه بوجوب السمع والطاعة لأولي الأمر وذلك في الكتاب والسنّة. [يُنظر: المُفْهِم ٤ / ٦٢]

لكن الددو لا يعجبه ذلك فرأى الدين ناقصًا لأنه يريد ما يوافق هوَاه من مقارعة الحكام المسلمين ومحاسبتهم على طريقة الخوارج الثوريين وطريقة الغربيين الضائعين، وقد بيَّنَ لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بأنّ الحاكم يُسْمَع وله ويُطاع في غير معصية الله ولا يُخرج عليه ما دام أنه مسلم يُقِيم الصلاة في المسلمين وأنّ النصيحة له تكون في السر وأنّ أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطانٍ جائر، وكلمة (عند) ظرف مكان يعني: في حضرته، لا بالغيبة والإثارة

فديننا واضح جدًّا في هذا الباب العظيم، واللهُ يؤتي مُلْكَهُ من يشاء كما قالت أمّنا عائشة لمّا قِيلَ لها أنّ فلانًا بُويِعَ له وفي الأمّة مَنْ هو خيرٌ منه، قالت: (يا بني لا تَعجب، هو مُلْكُ اللهِ يُؤتِيهِ مَنْ يشاء) [رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح]، ولكن هذا كله لا يتوافق مع ما يريده الددو وحزبه من الخروج على الحكام وأخذ السلطة منهم فزيّن لهم الشيطانُ أعمالهم وصدّهم عن السبيل بسبب اتّباعهم للهوى وعدم تحكيمهم للشرع، وقد قال سبحانه وتعالى: {فلا وربِّكَ لا يؤمنون حتى يحكِّمُوكَ فيما شَجَرَ بينَهُم ثم لا يَجِدُوا في أنفسِهِم حَرَجًا ممّا قضَيْتَ ويسلِّمُوا تسْليمًا} فاللهم اهدنا وثبّتنا على دينك واكفِ المسلمين شرَّ مَنْ يدعوهم إلى معصيتك ويَصُدُّهم عن سبيلك

وقد صحّ عن التابعي الإمام ابن سيرين رحمه الله بأنّه كان يرى بأنّ أهلَ الأهواءِ أسْرَعُ الناسِ رِدّة، والعياذُ بالله، فالحذر الحذر من اتّباع الهوى، والمؤمنُ إنما يقول: {سمِعنا وأطعنا غفرانَكَ ربَّنا وإليكَ المصير}.

ولا يُستغرب دفاع دعاة الإخوان عنه بدلًا من الأخذ على يديه؛ فإنّ الشيخ الألباني قد قالها بصريح العبارة (الإخوان يحاربون السنّة)، وسمّاهم الشيخ حامد الفقي رحمه الله: (خُوّان المسلمين)، واللهُ المستعان والهادي إلى سواء السبيل، وصلّى اللهُ على نبيّنا محمد وآله وسلَّم.

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

طلب العلم عبادة ومن أفضل العبادات

قال العلّامة ابن عثيمين -رحمه الله-:

"طلب العلم عبادة ومن أفضل العبادات، حتى قال إمام أهل السنّة أحمد بن حنبل رحمه الله وجمعنا به في جنته قال رحمه الله: (العلم لا يَعدِلُه شيءٌ لمن صحّت نِيَّتُه). 

فهو أفضل من السنن الراتبة، وأفضل من الوتر، وأفضل من قيام الليل، قال الإمام أحمد: (تذَاكُرُ ليلةٍ أحَبُّ إِلَيَّ من إحيائها).

استمع يا أخي، شوف الفقهاء العلماء! تذاكُر ليلة، يعني في طلب العلم، أحب إليّ من إحيائها بالصلاة".

📻 اللقاء الشهري ٤٢ ب

الاثنين، 15 سبتمبر 2025

النصر من الله للأمّة

النصر من الله للأمة

أساسه: نَصرُها لِدِينه

بالعمل به والدعوة إليه

قال سبحانه: {ولَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُه}

وقال سبحانه: {إنْ تَنْصُروا اللهَ ينصُرْكُم}

وقال سبحانه: {وما النصرُ إلّا من عندِ الله}

وقال: {إنْ يَنصُرْكم اللهُ فلا غالبَ لكم وإنْ يخْذُلْكُم فمَنْ ذا الّذي ينصُرُكُم مِنْ بعدِه وعلى الله فلْيتوَكَّلِ المؤمنون}

وقال عزّ وجلّ: {ويومَ حُنَيْنٍ إذْ أعجبتكم كثرَتُكُم فلم تُغْنِ عنكم شيئًا وضاقتْ عليكُم الأرضُ بما رَحُبَت ثمّ ولّيتُم مدبِرِين}

فلن يُفِيدَ الناسَ عددٌ ولا عُدّة إذا لم يتوكّلوا على ربهم وينصرهم ربُّ العِزّة 

فالواجب الاعتناء بالتوحيد والإيمان والاتّباع والرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، وهو الأساس لِمَا بعده، وبه يحصل التوفيق، ومنه يُعمل بجِدٍّ واجتهاد وتُعَد العُدّة للأعداء كما أمَرَ الله؛ فإنَّا كما قال عمر: (كنّا أذَلَّ قومٍ فأعَزَّنَا اللهُ بالإسلام، فمهما ابْتَغَيْنا العِزَّ بغيرِ ما أعزَّنَا اللهُ به: أذَلَّنَا الله) وهو أثرٌ صحيح.

وقد قال رسولنا ﷺ: (...سلّط اللهُ عليكم ذُلًّا لا يَنْزِعُه حتى تَرجِعُوا إلى دِينِكُم). وفي الحديث الآخر أننا نكون غُثاءً كغثاء السيل إذا كان في قلوبنا: (حب الدنيا وكراهية الموت).

اللهم أصلح حالنا ويسّر أمورنا وأعنّا على طاعتك يا رب العالمين

السبت، 13 سبتمبر 2025

الضابط النافع في أمر الخلطة

 قال الإمام ابن القيّم -رحمه الله-:

"والضابط النافع في أمر الخلطة: أنْ يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعات والأعياد والحج وتعليم العلم والجهاد والنصيحة.

ويعتزلهم في الشّرِّ وفضول المباحات.

فإذا دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشرِّ ولم يُمكنه اعتزالهم فالحذرَ الحذرَ أنْ يوافقهم، وليصبر على أذاهم، فإنّهم لا بد أنْ يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر، ولكن أذًى يعقبه عزٌّ ومحبَّة له وتعظيم، وثناءٌ عليه منهم ومن المؤمنين ومن ربِّ العالمين. وموافقتهم يعقبها ذلٌّ وبغضٌ له ومقتٌ، وذمٌّ منهم ومن المؤمنين ومن ربِّ العالمين، فالصبر على أذاهم خير وأحسنُ عاقبةً وأحمدُ مآلًا.

وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعةً لله إن أمكنه، ويشجِّع نفسه ويقوِّي قلبه، ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطعِ له عن ذلك بأنّ هذا رياء ومحبة لإظهار عِلمك وحالك، ونحو ذلك، فلْيحاربه وليستعن بالله تعالى ويؤثّر فيهم من الخير ما أمْكَنه. فإن عجَّزته المقادير عن ذلك، فليَسُلَّ قلبه من بينهم كسَلِّ الشعرة من العجين، وليكن فيهم حاضرًا غائبًا، قريبًا بعيدًا، نائمًا يقظانَ، ينظر إليهم ولا يبصرهم، ويسمع كلامهم ولا يعيه، لأنَّه قد أخذ قلبه من بينهم، ورقي به إلى الملأ الأعلى، يسبِّح حول العرش مع الأرواح العُلويَّة الزاكيَّة.

وما أصعبَ هذا وأشقَّه على النُّفوس، وإنَّه ليسير على من يسَّره الله عليه، فبين العبد وبينه أن يَصدُقَ اللهَ ويديم اللَّجأ إليه، ويُلقي نفسه على بابه طريحًا ذليلًا.

ولا يعين على هذا إلّا المحبَّةُ الصادقة والذِّكر الدّائم بالقلب واللِّسان، وتجنُّبُ المفسدات الأربعة الباقية الآتي ذِكْرُها، ولا ينال هذا إلَّا بعُدَّةٍ صالحةٍ ومادّةٍ قويّةٍ من الله، وعزيمةٍ صادقة، وفراغٍ من التّعَلُّق بغير الله".

📚 مدارج السالكين ٢ / ٩٠ - ٩٢

فتوى نفيسة في الاستماع إلى الأناشيد

 ما حكم الاستماع إلى الأناشيد التي ليس فيها موسيقى ولكنها بأصوات جميلة جذّابة وتشبه ألحان الغناء الهابط؟


قال العلّامة ابن عثيمين -رحمه الله-:


"نرَى ألّا يُستمع إلى مِثل هذا لِمَا فيه من الفتنة والتشبه بألحان الغناء الماجن، وخيرٌ من ذلك أنْ يستمع الإنسان إلى مواعظ نافعة مأخوذة من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والأئمة من أهل العلم والدين؛ فإنّ في ذلك غِنًى وكفاية عمّا سِواه.

والإنسان إذا اعتادَ ألّا يتّعِظ إلّا بشيءٍ معيّن كألحان الغناء فإنه ربما لا يَنتفع بالمواعظ الأخرى؛ لأنّ نفسه أَلِفَتْ ألّا تتّعظ إلا بهذا الشكل من المواعظ، وهذا خطير يؤدّي إلى الزُّهد بموعظة القرآن الكريم والسنّة النبوية وأقوال أهل العلم والأئمة.

فالذي أنصح به أنْ يتجه الإنسان إلى استماع ما ذَكَرتُه من المواعظ التي تشتمل على كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأقوال الصحابة وأئمة المسلمين مِن بعدهم".


📻 فتاوى نور على الدرب ٢٥٨ ب