الأحد، 29 يناير 2017

يجب العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

"وقوله تعالى: {يومَ تُبلى السرائر} أي: تُختَبَر السرائر، وهي القلوب...
ولهذا يجب علينا العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح؛ عمل الجوارح علَامة ظاهرة، لكن عمل القلب هو الذي عليه المدار، ولهذا أَخْبَر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج، يُخاطِب الصحابة يقول: ((يَحْقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم)) يعني أنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية والعياذُ بالله، ((لا يتجاوز القرآن حناجرهم، يَمْرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمِيّة))، قال الحسن البصري رحمه الله: (والله ما سبقهم أبو بكر بصلاةٍ ولا صوم، وإنما سبقهم بما وَقَر في قلبه من الإيمان). والإيمانُ إذا وقَر في القلب حَمَل الإنسان على العمل، لكن العمل الظاهر قد لا يَحْمِل الإنسان على إصلاح قلبه.
فعلينا أن نعتني بقلوبنا وأعمالها، وعقائدها، واتّجاهاتها، وإصلاحها وتخليصها من شوائب الشرك والبِدَع، والحقد والبغضاء، وكراهة ما أَنزل اللهُ على رسوله، وكراهة الصحابة رضي الله عنهم، وغير ذلك ممّا يجب تنزيه القلب عنه". اهـ

تفسير جزء عم ص153-154 باختصار

الخميس، 19 يناير 2017

قتال المسلمين لليهود الذي ينطق به الحجر إنما يكون بعد خروج الدجال

قال العلّامة الألباني -رحمه اللهُ- معلِّقًا على قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((تُقاتِلُكُم اليهود فتُسَلَّطونَ عليهِم حتى يَخْتَبِئَ أحدُهُم وراءَ الحجر فيقولُ الحجرُ: يا مسلمُ هذا يهوديٌّ ورائي فاقْتُلْه)) :

"هذا يكون بعد خروج الدجال ونزول عيسى -عليه السلام- كما في بعض الأحاديث الصحيحة، وفي بعضها أنّ ذلك بعد قتْل عيسى لِلدّجّال وانهزام اليهود، فلا علاقة لهذا الحديث بالحرب التي قامت بين العرب واليهود في رمضان سنة ١٣٩٣ هـ، ولا حَظَّ للعرب في مثلِ هذا التسليط حتى يَنصُروا دين الله ويُقاتِلوا من أجله!". 

مختصر صحيح البخاري للألباني، ج2 ص475

الأحد، 15 يناير 2017

خطأ الدعاء الشائع: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"يُنكَرُ على من يقولون: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه)، فهذا دعاء باطل؛ لأن معناه أنه مُستَغْنٍ، أي:ْ اِفْعل ما شِئْت ولكنْ خَفِّف. وهذا غلط؛ فالإنسان يسأل الله عزّ وجل رفْع البلاء نهائيًا فيقول مثلاً: اللهم عافني، اللهم ارزقني، وما أشبه ذلك.

وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهَمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ)) فقولك: (لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللّطف فيه) أَشَد.

واعلم أنّ الدعاء قد يرد القضاء، كما جاء في الحديث: ((لاً يَرُدُّ القَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ))، وكم من إنسانٍ افتقر غاية الافتقار حتى كاد يَهلك، فإذا دعا أجاب اللهُ دعاءه، وكم من إنسانٍ مرض حتى أيس من الحياة، فدعا الله تعالى فاستجاب له". اهـ


شرح الأربعين النووية ص٨٩

السبت، 7 يناير 2017

‏وصية مهمة للخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه


روى ابنُ أبي شيبة وغيره بسندٍ جيّد عن سُويد بن غَفَلَة قال: قال لي عمر: يا أبا أُمَيّة، إنّي لا أدري لَعَلِّي لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسْمَعْ وأَطِعْ وإنْ أُمِّرَ عليك عبْدٌ حبشي مجدَّع، إنْ ضَرَبَك فاصْبِر، وإنْ حَرَمَك فاصْبِر، وإنْ أراد أمْرًا ينتقص دينك فقُل: سمعٌ وطاعة، ودمي دون ديني، فلا تُفارِق الجماعة. اهـ

انظر: معاملة الحُكّام لابن برجس ص141-142


قال الإمام أبو بكر الآجُرّي -رحمه الله- شارحًا كلام عمر -رضي اللهُ عنه-:

"مَنْ أُمِّرَ عليك مِنْ عربي أو غيره، أسود أو أبيض أو عجمي، فأَطِعْهُ فيما ليس لِلّهِ فيه معصية، وإنْ حَرَمَك حقًّا لك، أو ضربك ظُلمًا لك، أو انتهك عرضك(*)، أو أخذ مالك، فلا يحملك ذلك على أنْ تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله، ولا تخرج مع خارجي يقاتله، ولا تحرّض غيرك على الخروج عليه، ولكنْ اصبِرْ عليه.
وقد يحتمل أن يَدْعُوك إلى مَنْقَصَة في دينك من غير هذه الجهة: يحتمل أنْ يأمرك بقتل مَنْ لا يستحق القتل، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك، أو بضرب من لا يَحِلُّ ضَرْبه، أو بأخذ مال من لا يستحق أنْ تأخذ ماله، أو بِظُلم من لا يَحِل له ولا لك ظُلْمه، فلا يَسَعك أنْ تطيعه.
فإن قال لك: لَئِنْ لم تفعل ما آمُرك به وإلّا قتلتك أو ضربتك، فقل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل))، ولقوله صلى الله عليه وسلم ((إنما الطاعة في المعروف))". اهـ

الشريعة للآجري، ج1 ص379

(*) قلت: المراد بقوله (انتهك عرضك) أي: شتمك ونحو ذلك، وليس كما قد يتبادر إلى الذهن من الاعتداء على الحريم، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لي الواجد يُحِلُّ عِرْضَه وعقوبته)). أخرجه أبو داود وغيره وحسّنه الألباني. قال النووي رحمه الله: "اللَّي بفتح اللام وتشديد الياء وهو المطل، والواجد بالجيم: الموسر. قال العلماء: يحل عرضه بأنْ يقول: ظلمني ومطلني، وعقوبته الحبس والتعزير". اهـ شرح صحیح مسلم، ۲۲۷/۱۰

تنبيه: ينشر بعض الخوارج قصة عن الفاروق عمر فيها اعتراض سلمان الفارسي عليه يستدلون بها على الخروج على الولاة والإنكار العلني عليهم وهي قصة مكذوبة لا أصل لها.