الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

مَن أهَانَ السلطان أهانه الله، ومن أجَلَّ السلطان أجَلَّه الله


قال رسول الله ﷺ: (من أجَلَّ سلطان الله أجَلَّهُ الله يوم القيامة) حسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة:٢٢٩٧

وقال حذيفة رضي الله عنه: (لا يزال قومٌ أَذَلُّوا السلطان أذِلّاء إلى يوم القيامة). رواه ابن أبي شيبة (٣٧٤٤٨) بسند صحيح.

‏قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فإنّ الذي يُهين السلطان بنشر معايِبه بين الناس وذمّه والتشنيع عليه والتشهير به يكون عُرْضة لأنْ يُهينه الله عز وجل؛ لأنه إذا أهان السلطان بمثل هذه الأمور تمرد الناس عليه فعصوه، وحينئذٍ يكون هذا سبب شر فيُهينه الله عز وجل".

شرح رياض الصالحين ٣/٦٧٣

الاثنين، 13 نوفمبر 2017

أثر نفيس لسفيان الثوري فيه التحذير مما يفعله كثير من مُظهِري التدين

‏قال الإمام الجليل سفيان الثوري رحمه الله:

"يا معشر القُرّاء ارفعوا رءوسكم، لا تزيدوا الخشوع على ما في القلب، فقد وضح الطريق، فاتَّقُوا الله وأجملوا في الطلب، ولا تكونوا عِيالًا على المسلمين".

 شعب الإيمان للبيهقي (٦٥٦٩) بسند صحيح.

الإجمال في الطلب: سلوك الطريق المشروع في طلب الرزق.

ففي هذا الأثر:
١- التحذير من التدين المصطنع.
٢- الدعوة إلى تقوى الله عز وجل.
٣- الدعوة إلى طلب الرزق بالأسباب المشروعة والاستغناء عن الناس ويدخل في ذلك عدم التكسب بالدين.

الاثنين، 6 نوفمبر 2017

لبس البنطلون ليس من التشبه بالكفار

قال العلّامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله:

"علة التشبه بالكفار تَشْتبه على كثير من الناس مع أن الأئمة نصّوا على أنه إذا كان مصدر الشيء من غير المسلمين ثم انتشر وصار المسلمون يفعلونه زال التشبه؛ لأن التشبه حقيقته أن يقوم الإنسان بما يختص بالغير، وما دام أن هذه المسألة شاعت بين المسلمين فلا تُعَد تشبُّهًا. مثال ذلك: لبس البنطلون أَتى من الكفار لكن تَبِعهم المسلمون وصار الآن يلبسه المسلم والكافر". اهـ

تفسير سورة المائدة ١/١٥٦

الخميس، 2 نوفمبر 2017

المنكرات المقرَّة من ولاة الأمر يجب إنكارها ولكن لا يوجه الإنكار للولاة

قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-: 

"لو أن ولي الأمر أقَرَّ أمْرًا مُنكرًا فإنه يجب أن يبيّن إنكاره، لكن لا يوجّه الإنكار على ولي الأمر، ولكن يحذّر الناس منه، فلو وجد مثلاً في بعض البلاد أشياء منكرة مُقَرّة من قبل ولاة الأمور فإنه لا يجوز إقرارها، فمثلاً: يوجد في بعض البلاد الإسلامية والبلاد القريبة منّا بيع الخمر علانية في البقالات وفي المقاهي وفي كل مكان، فهل نقول للناس: لا تحذّروا الناس منها بناءً على أن ولي الأمر سمح بها؟ الجواب: لا، بل يجب أن نحذّر الناس منها، لكن لا ينتقد ولي الأمر بإقراره إياها، بل يُنصَح، وتقدَّم له النصيحة". اهـ

تفسير سورة النساء ٤٥٥/١

الجمعة، 6 أكتوبر 2017

الرد على من يشنع على السلفيين بسبب موافقة العلمانيين لهم في بعض المواقف


سُئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله: 

كثيرا ما يتفق رأي مَنْ يُوصَفون بالعلمانية مع رأي السلفيين في بعض الأمور، مثل الموقف من بعض الجماعات التي اتّخذت العنف وسيلة للإصلاح، والموقف من غلبة المصالح الشخصية في اشتعال الحروب، والموقف من تكلُّف بعض الشباب؟ فما تعليقكم؟


الجواب: "الواجب أن نتمسك بالمنهج الحق المستمد من الكتاب والسنة، والذي كان عليه سلفنا الصالح؛ قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه...} ،  وإذا وافَقَنا على بعض ذلك أحد من العلمانيين أو غيرهم فذلك لا يَصْرِفنا عنه ولا نتركه من أجلهم، وإنما يُعتبر هذا شهادة من أعدائنا على صحة ما نحن عليه، وقد قيل: الحق ما شهدت به الأعداء.

والأعداء من قديم الزمان يعترفون بالحق في قرارة نفوسهم ويتركونه تعصُّبًا منهم لآرائهم ومقاصدهم؛ قال الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} ، وقال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا...}".


المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان ١/٦٨ الطبعة الثانية - مكتبة الفرقان

الجمعة، 14 يوليو 2017

من أراد مشاركة عامة الناس للولاة في سياستهم وتدبيرهم فقد ضل ضلالا بعيدا

قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله:

"من أراد أن تكون العامّة مشارِكة لولاة الأمور في سياستها وفي رأيها وفكرها فقد ضلَّ ضلالًا بعيدًا وخرج عن هدي الصحابة وهدي الخلفاء الراشدين وهدي سلف الأمة".

شرح رياض الصالحين ٦/٢٢٥

الأحد، 9 يوليو 2017

مقارنة سيد قطب والبنا وأمثالهما بالنووي وابن حجر وأمثالهما مقارنة مع الفارق

قال الشيخ العلامة زيد المدخلي رحمه الله:

"وأمّا مقارنة الشيخ عبدالله [بن جبرين] لسيد قطب والبنّا وأمثالهما من أصحاب الفكر بكبار العلماء والأئمة مثل ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن عطية والخطابي فهي مقارنة مع الفارق؛ لأنّ هؤلاء الأئمة عندهم من العلم الغزير ما يغطّي ما وقع لهم من الأخطاء.

أمّا هؤلاء الكُتّاب فليس لهم رصيد من العلم يغطّي أخطاءهم، وكُتُبهم لا تُقاس بكتب هؤلاء الأئمة لأنها ضحلة من العلم الشرعي ليس فيها إلا تهييج سياسي وتجهيل وتضليل لعموم المسلمين غالبًا، فأين هي من كتب أولئك الأئمة وأين الثرى من الثريا".


كتاب: الإرهاب وآثاره السيئة على الأفراد والأمم، للشيخ زيد المدخلي، ط دار المنهاج، ص٨٦ و٨٧، بتقديم الشيخين: صالح الفوزان وعلي الفقيهي.

الاثنين، 29 مايو 2017

الدعوة غير الصحيحة وإنْ تجمهر حولها الناس فلا بركة فيها ولا خير

قال العلّامة الوالد صالح الفوزان حفظه الله:

"هذا شيخ الإسلام عُذِّب ومات في السجن لكن نجحت دعوته فيما بَعد، لماذا؟ لأنها دعوةٌ أصيلة ترتكز على الكتاب والسنة، كما قال تعالى: {فأمّا الزَّبَدُ فيذهبُ جُفاءً وأمّا ما يَنفَعُ الناسَ فيمْكُثُ في الأرض}. 

أمّا دُعاة الضلال حتى ولو تجمْهَرَ حولهم مئات الألوف فإنّ هذا غُثاء كغثاء السيل.

فالدعوة الصحيحة يبقى خيرها وأَثَرُها على مَرّ الأجيال، أمّا الدعوة غير الصحيحة أو الدعوة المغرضة التي يُقصد منها أشياء أخرى فهذه وإنْ تجمْهَر الناس حولها في وقت من الأوقات إلّا أنها لا بركة فيها ولا خير فيها ولا تؤثّر في الناس خيرا".

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ١/١٥٩

الاثنين، 10 أبريل 2017

الطريقة الصحيحة للتفقه بالكتاب والسنة هي الحفظ والفهم معًا وليس الحفظ ثم الفهم

قال الشيخ الوالد صالح الفوزان حفظه الله:

"كونك تشتغل بالحفظ أولًا ثم بعد ذلك تريد أن تتفقّه فيها بعد ما تنتهي.. هذه ليست بطريقة ناجحة؛ الطريقة الناجحة أنك تحفظ شيئا فشيئا ولا تتعدى شيئا إلا وقد فهمته وحفظته، لا من القرآن ولا من السنّة، هذه هي طريقة التعلم الصحيح.
قال الصحابي الجليل ابن مسعود: كان الرجل مِنّا إذا تعلّم عشر آيات لم يُجاوِزْهُن حتى يَعْرِف معانيهن والعمل بهن". 

الإجابات المهمة في المشاكل الملمّة ٢/٢٦٣

الجمعة، 7 أبريل 2017

الشيخ صالح الفوزان: الّذين اخترعوا لقب "الجامية" هم الحزبيون

قال العلّامة الوالد صالح الفوزان حفظه الله في ردٍّ له على أحد الكُتّاب:

"وأمّا اللقب الذي لمزت به أَتْباع السلفية الصحيحة بأنهم (جامية) نسبة إلى الشيخ الفاضل محمد أمان الجامي رحمه الله وهو لا ذنب له إلّا أنه يدعو إلى السلفية الحقّة الصحيحة كما عرفناه عنه وعاصرناه عليه وما هو مدوَّن في كتبه وأشرطته. وهذا لقب نقلته عن غيرك ولم تعرف ما تحته ومن الذي اخترعه.

إنّ الذين اخترعوه هم (الحِزْبِيّون) لمّا رأوا الشيخ محمد أمان الجامي وإخوانه يَدْعُون إلى السمع والطاعة لولي أمر المسلمين ويدعون إلى لزوم الجماعة وعدم التفرُّق والاختلاف الذي تُعِينُه الجماعات الحزبية، اخترعوا هذا اللقب لينفِّروا من تلك الدعوة وأصحابها كما اخترعت الفِرَق السابقة لأهل السنة والجماعة ألقابًا منفِّرة مثل الحشوية والمجسمة والخوارج والوهابية إلى غير ذلك، ولكن هذا لا يضِير أهل الحق كما قال إخوانهم من قبل {قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}.هذا وأدعو الكاتب زياداً لمراجعة الحق والصواب فالرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى". اهـ


الموقع الرسمي للشيخ، مقال بعنوان: نعم هذا وقتها يا زياد
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13688

الأربعاء، 22 مارس 2017

كلام نفيس للإمام ابن رجب في الشرف والرياسة

قال الإمام ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-:

"وأمّا حرص المرء على الشرف فهذا أشد هلاكًا من الحرص على المال؛ فإنّ طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرِّياسة على الناس والعلو في الأرض أَضَر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم، والزُّهد فيه أصعب؛ فإنّ المال يُبذل في طلب الرياسة والشرف.

والحرصُ على الشرف قسمان: 

أحدهما: طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال، وهو في الغالب يَمنع خير الآخِرة وشرفها وكرامتها وعزّها. قال الله تعالى: {تلك الدارُ الآخرةُ نجعلُها لِلّذين لا يُريدون عُلُوًّا في الأرضِ ولا فسادا والعاقبةُ للمُتّقين}. وقَلَّ مَنْ يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيُوَفَّق، بل يُوكَل إلى نفسه كما قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم لعبدالرحمن بن سمرة رضي اللهُ عنه: ((يا عبدالرحمن، لا تَسأل الإمارة، فإنك إنْ أُعْطِيتها عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها، وإنْ أعطيتها من غيرِ مسألةٍ أُعِنْتَ عليها)). [متفق عليه].

القسم الثاني: طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد، فهذا أَفحش من الأول وأَقبح وأشد فسادًا وخَطَرًا؛ فإنّ العلم والعمل والزهد إنما يُطلب به ما عند الله من الدرجات العُلى والنعيمِ المقيم، ويُطلب به ما عند الله والقرب منه والزُّلفى لديه.
عن جابر رضي اللهُ عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تَعَلَّمُوا العلم لِتُبَاهُوا به العلماء، ولا لِتُمَارُوا به السفهاء، ولا تَخَيَّرُوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار)). [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]". اهـ


شرح حديث ما ذئبان جائعان ص٣٦-٥٥ باختصار

الأحد، 29 يناير 2017

يجب العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

"وقوله تعالى: {يومَ تُبلى السرائر} أي: تُختَبَر السرائر، وهي القلوب...
ولهذا يجب علينا العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح؛ عمل الجوارح علَامة ظاهرة، لكن عمل القلب هو الذي عليه المدار، ولهذا أَخْبَر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج، يُخاطِب الصحابة يقول: ((يَحْقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم)) يعني أنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية والعياذُ بالله، ((لا يتجاوز القرآن حناجرهم، يَمْرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمِيّة))، قال الحسن البصري رحمه الله: (والله ما سبقهم أبو بكر بصلاةٍ ولا صوم، وإنما سبقهم بما وَقَر في قلبه من الإيمان). والإيمانُ إذا وقَر في القلب حَمَل الإنسان على العمل، لكن العمل الظاهر قد لا يَحْمِل الإنسان على إصلاح قلبه.
فعلينا أن نعتني بقلوبنا وأعمالها، وعقائدها، واتّجاهاتها، وإصلاحها وتخليصها من شوائب الشرك والبِدَع، والحقد والبغضاء، وكراهة ما أَنزل اللهُ على رسوله، وكراهة الصحابة رضي الله عنهم، وغير ذلك ممّا يجب تنزيه القلب عنه". اهـ

تفسير جزء عم ص153-154 باختصار

الخميس، 19 يناير 2017

قتال المسلمين لليهود الذي ينطق به الحجر إنما يكون بعد خروج الدجال

قال العلّامة الألباني -رحمه اللهُ- معلِّقًا على قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((تُقاتِلُكُم اليهود فتُسَلَّطونَ عليهِم حتى يَخْتَبِئَ أحدُهُم وراءَ الحجر فيقولُ الحجرُ: يا مسلمُ هذا يهوديٌّ ورائي فاقْتُلْه)) :

"هذا يكون بعد خروج الدجال ونزول عيسى -عليه السلام- كما في بعض الأحاديث الصحيحة، وفي بعضها أنّ ذلك بعد قتْل عيسى لِلدّجّال وانهزام اليهود، فلا علاقة لهذا الحديث بالحرب التي قامت بين العرب واليهود في رمضان سنة ١٣٩٣ هـ، ولا حَظَّ للعرب في مثلِ هذا التسليط حتى يَنصُروا دين الله ويُقاتِلوا من أجله!". 

مختصر صحيح البخاري للألباني، ج2 ص475

الأحد، 15 يناير 2017

خطأ الدعاء الشائع: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"يُنكَرُ على من يقولون: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه)، فهذا دعاء باطل؛ لأن معناه أنه مُستَغْنٍ، أي:ْ اِفْعل ما شِئْت ولكنْ خَفِّف. وهذا غلط؛ فالإنسان يسأل الله عزّ وجل رفْع البلاء نهائيًا فيقول مثلاً: اللهم عافني، اللهم ارزقني، وما أشبه ذلك.

وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهَمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ)) فقولك: (لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللّطف فيه) أَشَد.

واعلم أنّ الدعاء قد يرد القضاء، كما جاء في الحديث: ((لاً يَرُدُّ القَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ))، وكم من إنسانٍ افتقر غاية الافتقار حتى كاد يَهلك، فإذا دعا أجاب اللهُ دعاءه، وكم من إنسانٍ مرض حتى أيس من الحياة، فدعا الله تعالى فاستجاب له". اهـ


شرح الأربعين النووية ص٨٩

السبت، 7 يناير 2017

‏وصية مهمة للخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه


روى ابنُ أبي شيبة وغيره بسندٍ جيّد عن سُويد بن غَفَلَة قال: قال لي عمر: يا أبا أُمَيّة، إنّي لا أدري لَعَلِّي لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسْمَعْ وأَطِعْ وإنْ أُمِّرَ عليك عبْدٌ حبشي مجدَّع، إنْ ضَرَبَك فاصْبِر، وإنْ حَرَمَك فاصْبِر، وإنْ أراد أمْرًا ينتقص دينك فقُل: سمعٌ وطاعة، ودمي دون ديني، فلا تُفارِق الجماعة. اهـ

انظر: معاملة الحُكّام لابن برجس ص141-142


قال الإمام أبو بكر الآجُرّي -رحمه الله- شارحًا كلام عمر -رضي اللهُ عنه-:

"مَنْ أُمِّرَ عليك مِنْ عربي أو غيره، أسود أو أبيض أو عجمي، فأَطِعْهُ فيما ليس لِلّهِ فيه معصية، وإنْ حَرَمَك حقًّا لك، أو ضربك ظُلمًا لك، أو انتهك عرضك(*)، أو أخذ مالك، فلا يحملك ذلك على أنْ تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله، ولا تخرج مع خارجي يقاتله، ولا تحرّض غيرك على الخروج عليه، ولكنْ اصبِرْ عليه.
وقد يحتمل أن يَدْعُوك إلى مَنْقَصَة في دينك من غير هذه الجهة: يحتمل أنْ يأمرك بقتل مَنْ لا يستحق القتل، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك، أو بضرب من لا يَحِلُّ ضَرْبه، أو بأخذ مال من لا يستحق أنْ تأخذ ماله، أو بِظُلم من لا يَحِل له ولا لك ظُلْمه، فلا يَسَعك أنْ تطيعه.
فإن قال لك: لَئِنْ لم تفعل ما آمُرك به وإلّا قتلتك أو ضربتك، فقل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل))، ولقوله صلى الله عليه وسلم ((إنما الطاعة في المعروف))". اهـ

الشريعة للآجري، ج1 ص379

(*) قلت: المراد بقوله (انتهك عرضك) أي: شتمك ونحو ذلك، وليس كما قد يتبادر إلى الذهن من الاعتداء على الحريم، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لي الواجد يُحِلُّ عِرْضَه وعقوبته)). أخرجه أبو داود وغيره وحسّنه الألباني. قال النووي رحمه الله: "اللَّي بفتح اللام وتشديد الياء وهو المطل، والواجد بالجيم: الموسر. قال العلماء: يحل عرضه بأنْ يقول: ظلمني ومطلني، وعقوبته الحبس والتعزير". اهـ شرح صحیح مسلم، ۲۲۷/۱۰

تنبيه: ينشر بعض الخوارج قصة عن الفاروق عمر فيها اعتراض سلمان الفارسي عليه يستدلون بها على الخروج على الولاة والإنكار العلني عليهم وهي قصة مكذوبة لا أصل لها.