الأربعاء، 26 مايو 2021

أيها الداعي إلى الله إذا لم يستجب أحد لك فلا تيأس وتترك الدعوة

 قال العلّامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:


"ومَنْ دعا إلى الله ثم رأى الناس فارِّينَ منه فلا ييأس ويتْرُك الدعوة؛ فإنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعلي: (فواللهِ لَأنْ يَهدِيَ اللهُ بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمْرِ النَّعَم)...


فإذا استجابَ واحد، كفى، وإذا لم يستجِب أحد فقد أبْرَأَ ذِمّته أيضًا، وفي الحديث: (يأتي النبي -يوم القيامة- وليس معه أحد).


ثم إنه يكفي من الدعوة إلى الحق والتحذير من الباطل أنْ يتبَيَّن للناس أنّ هذا حق وهذا باطل؛ لأن الناس إذا سكتوا عن بيان الحق وأُقِرَّ الباطل مع طول الزمن ينقلب الحقُّ باطلًا والباطلُ حقًّا".


القول المفيد على كتاب التوحيد ١ / ١٢٩

الثلاثاء، 11 مايو 2021

كلام نفيس للعلامة الفقيه ابن عثيمين فى كيفية استرداد فلسطين للمسلمين

 

كلام نفيس للعلامة الفقيه ابن عثيمين فى كيفية استرداد فلسطين للمسلمين
_________
ولا يمكن أن يستردوها إلا باسم الإسلام على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، كما قال تعالى: {إنّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: ١٢٨] ؛ ومهما حاول العرب، ومهما ملؤوا الدنيا من الأقوال والاحتجاجات، فإنهم لن يفلحوا أبداً حتى ينادوا بإخراج اليهود منها باسم دين الإسلام . بعد أن يطبقوه في أنفسهم . فإنْ هم فعلوا ذلك فسوف يتحقق لهم ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ، وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ، أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ" .

فالشجر، والحجر يدل المسلمين على اليهود يقول: "يا عبد الله" . باسم العبودية لله ، ويقول: "يا مسلم" . باسم الإسلام ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "يقاتل المسلمون اليهود" ، ولم يقل: "العرب".

ولهذا أقول: إننا لن نقضي على اليهود باسم العروبة أبداً؛ لن نقضي عليهم إلا باسم الإسلام؛ ومن شاء فليقرأ قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون} [الأنبياء: ١٠٥]

فجعل الميراث لعباده الصالحين؛ وما عُلِّق بوصفٍ فإنه يوجد بوجوده، وينتفي بانتفائه؛ فإذا كنا عِبَادَ الله الصالحين وَرِثْناها بكل يُسر وسهولة، وبدون هذه المشقات، والمتاعب، والمصاعب، والكلامِ الطويل العريض الذي لا ينتهي أبداً ! نستحلها بنصر الله عزّ وجل ، وبكتابة الله لنا ذلك . وما أيسره على الله !

ونحن نعلم أنّ المسلمين ما ملكوا فلسطين في عهد الإسلام الزاهر إلا بإسلامهم ؛ ولا استولوا على المدائن عاصمة الفرس ، ولا على عاصمة الروم ، ولا على عاصمة القبط إلا بالإسلام ؛ ولذلك ليت شبابنا يعون وعياً صحيحاً بأنه لا يمكن الانتصار المطلق إلا بالإسلام الحقيقي . لا إسلام الهوية بالبطاقة الشخصية !

وأقول والعلم عند الله : لا يمكن أن تسترد الشام -وأخص بذلك فلسطين- إلا بما استردت به في صدر هذه الأمة ، بقيادة كقيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، برجال كجنود عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقاتلون إلا لتكون كلمة الله هي العليا . فإذا حصل هذا للمسلمين فإنهم سيقاتلون اليهود حتى يختبئ اليهودي خلف الشجرة فتنادي الشجرة: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله.

أما ما دام الناس ينظرون إلى هذه العداوة بيننا وبين اليهود على أنها عصبية قومية فلن نفلح أبداً ؛ لأن الله لن ينصر إلا من ينصره، كما قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَن يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:٤٠-٤١].

فنحن إذا رأينا صدر هذه الأمة، نجد أنها انتصرت على أساس التوحيد ، الإخلاص لله ، الاتّباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، البعد عن سفاسف الأمور ، عن الأخلاق الرديئة ، عن الفحشاء والمنكر ، عن تقليد الأعداء.

والمشكل أنّ من الناس اليوم من يرى أن تقليد الكفار عِز وشرف ! ويرون أنّ الرجوع إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه تأخر وتقهقر ! طِبْقَ ما قال الأوَّلُون: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:٣٢].

فعلينا -أيها الإخوة- أن نرجع؛ لنقرأ ونتأمل فيما سبق في صدر هذه الأمة، حتى نأخذ بما كانوا عليه من تمسُّك وعبودية وحينئذٍ يُكتب لنا النصر .

______________________________
تفسير سورة البقرة ١ / ١٦٩ - ١٧٠ واللقاء الشهري ٢ / ٧ وكتب ورسائل للعثيمين ٨ / ١١٧

الثلاثاء، 4 مايو 2021

بعض الآثار عن الصحابة الكرام في التعامل مع جَور الولاة

١- عَنْ التابعي الكبير سُوَيدِ بن غَفَلَةَ، قال: قال لي عُمَر -رضي الله عنه-: "يا أبا أُمَيَّة، إنّي لا أدرِي، لَعَلِّي لَا أَلقَاكَ بَعدَ عامِي هذا، فَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكَ عَبدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فاسْمَعْ لَهُ وأَطِع، وإِنْ ضَرَبَكَ فَاصبِر، وإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِر، وإِنْ أَرَادَ أَمْرًا يُنْقِصُ دِينَكَ فَقُل: سَمعًا وطاعَة، دَمِي دُونَ دِينِي، ولا تُفَارِقِ الجماعة".

رواه الخلّال في السنّة (٥٤) وغيره، وسَنَدُه صحيح

معنى (سمعًا وطاعة، دمي دون ديني) أي: فإنْ أمَرَك بفِعل معصية وقال: لَئِنْ لم تَفعل ما آمُرك به وإلّا قتلتك أو ضربتك، فقُل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
الشريعة للآجُرّي ١ / ٣٧٩

٢- ‏عن عبدالله بن مسعود رضي اللهُ عنه قال: "إنّ هذا السلطان قد ابْتُلِيتُم به، فإنْ عَدَل كان له الأجر وعليكم الشكر، وإنْ جارَ كان عليه الوِزر وعليكم الصبر".

رواه ابن أبي شيبة (٣٧٢٩٤) وسَنَدُه حَسَن

٣- عَنْ التابعي الجليل محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ قال: بَلَغَ ابنَ عُمَرَ -رضي الله عنه- أنّ يزيدَ بنَ معاويةَ بُويِعَ لَه، فقال: "إنْ كانَ خيرًا رَضِينَا، وإنْ كانَ شَرًّا صَبَرنَا".

رواه ابن أبي شيبة (٣٠٥٧٥) وسَنَدُه صحيح

٤- عن نافع، قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حِين كان مِن أمْرِ الحرّة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرَحُوا لأبي عبد الرحمن وِسَادة. فقال ابن عمر: إني لم آتِكَ لأَجْلِس! أتيتُك لِأُحَدِّثُكَ حديثًا سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقوله؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ خَلَعَ يدًا مِنْ طاعة لقي الله يوم القيامة لا حُجّة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتَةً جاهلية).

رواه مسلم (١٨٥١).

(أمْر الحَرّة ما كان) أي: لمّا خلع بعض الناس بيعة يزيد.

٥- عن الزبيرِ بنِ عَدِي، قال: أَتَيْنَا أنس بنَ مالك -رضي الله عنه- فشَكَونَا إليهِ ما نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فقال: اصبِرُوا؛ فإِنَّهُ لا يأتِي عليكُم زمانٌ إلّا الذي بعدَهُ شَرٌّ منه حتى تَلْقَوْا رَبَّكُم، سَمِعتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى اللهُ عليهِ وسلم.

رواه البخاري (٧٠٦٨)

٦- عن سَعِيد بن جُمهان أنه قال لعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه: إنّ السلطانَ يَظلم الناسَ ويَفعَلُ بهم! قال: فتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمزَةً شديدة، ثم قال: وَيْحَكَ يا ابنَ جُمهَان! عليكَ بالسوادِ الأعظم، عليك بالسوادِ الأعظم، إِنْ كانَ السلطانُ يَسمَعُ مِنْكَ فأْتِهِ فِي بيتهِ فأَخْبِرْهُ بِمَا تَعلَمُ، فإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وإِلّا فَدَعْهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْه.

رواه أحمد (١٩٤١٥) وحسّن إسناده الألباني في تخريج السنّة لابن أبي عاصم

✔️هذه بعض الآثار أخي المسلم الموافقة تمامًا للأحاديث الصحيحة الصريحة في وجوب طاعة من يتولى أمور المسلمين وتحريم منازعتهم ووجوب الصبر على جورهم والمحافظة على جماعة المسلمين من التفرق والفتن والفساد

⬅️وأمّا بعض القصص التي ينشرها دعاة الثورات كقصة سلمان مع عمر وقول البعض لأبي بكر (قوّمناك بسيوفنا) فهي قصص مكذوبة لا أصل لها بل تتنافى مع ما كان عليه الصحابة الكرام من المبادرة للعمل والتسليم لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

💎قال الإمام الجليل ابن أبي العِز الحنفي رحمه الله: "وأمّا لزوم طاعة أُولي الأمر وإنْ جاروا فلِأنّه يترتب على الخروج مِن طاعتهم مِن المفاسد أضعاف ما يحصل من جَوْرهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيّئات ومضاعفة الأجور، فإنّ الله تعالى ما سلَّطَهُم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاءُ من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل. قال تعالى: {وما أصَابَكُمْ مِنْ مصيبةٍ فبِمَا كسَبَتْ أَيْدِيكُم ويَعفُو عن كثير}".

شرح الطحاوية ٢ / ٥٤٣

💭واعلَم أخي المسلم أنّ كثيرًا من الأفكار السلبية تجاه ولاة أمور المسلمين هي في الحقيقة نتاج تحريض دعاة الفتن المستمر وإلا فالنعم كثيرة جدا مع تقصيرنا الكبير والله المستعان
فلا تكن فريسة لمن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم (دعاةٌ على أبواب جهنم مَنْ أجابهم قذفوهُ فيها)! قال الحافظ ابن حجر: "المُراد بالدعاة على أبواب جهنم: مَنْ قامَ في طَلَبِ المُلك مِن الخوارج وغيرهم". فتح الباري ١٣ / ٣٦

نسأل الله تعالى أن يثبّتنا على دينه حتى نلقاه وأنْ لا يجعلنا ممن يُؤْثِرُون الحياة الدنيا على الآخرة