السبت، 7 يناير 2017

‏وصية مهمة للخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه


روى ابنُ أبي شيبة وغيره بسندٍ جيّد عن سُويد بن غَفَلَة قال: قال لي عمر: يا أبا أُمَيّة، إنّي لا أدري لَعَلِّي لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسْمَعْ وأَطِعْ وإنْ أُمِّرَ عليك عبْدٌ حبشي مجدَّع، إنْ ضَرَبَك فاصْبِر، وإنْ حَرَمَك فاصْبِر، وإنْ أراد أمْرًا ينتقص دينك فقُل: سمعٌ وطاعة، ودمي دون ديني، فلا تُفارِق الجماعة. اهـ

انظر: معاملة الحُكّام لابن برجس ص141-142


قال الإمام أبو بكر الآجُرّي -رحمه الله- شارحًا كلام عمر -رضي اللهُ عنه-:

"مَنْ أُمِّرَ عليك مِنْ عربي أو غيره، أسود أو أبيض أو عجمي، فأَطِعْهُ فيما ليس لِلّهِ فيه معصية، وإنْ حَرَمَك حقًّا لك، أو ضربك ظُلمًا لك، أو انتهك عرضك(*)، أو أخذ مالك، فلا يحملك ذلك على أنْ تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله، ولا تخرج مع خارجي يقاتله، ولا تحرّض غيرك على الخروج عليه، ولكنْ اصبِرْ عليه.
وقد يحتمل أن يَدْعُوك إلى مَنْقَصَة في دينك من غير هذه الجهة: يحتمل أنْ يأمرك بقتل مَنْ لا يستحق القتل، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك، أو بضرب من لا يَحِلُّ ضَرْبه، أو بأخذ مال من لا يستحق أنْ تأخذ ماله، أو بِظُلم من لا يَحِل له ولا لك ظُلْمه، فلا يَسَعك أنْ تطيعه.
فإن قال لك: لَئِنْ لم تفعل ما آمُرك به وإلّا قتلتك أو ضربتك، فقل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل))، ولقوله صلى الله عليه وسلم ((إنما الطاعة في المعروف))". اهـ

الشريعة للآجري، ج1 ص379

(*) قلت: المراد بقوله (انتهك عرضك) أي: شتمك ونحو ذلك، وليس كما قد يتبادر إلى الذهن من الاعتداء على الحريم، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لي الواجد يُحِلُّ عِرْضَه وعقوبته)). أخرجه أبو داود وغيره وحسّنه الألباني. قال النووي رحمه الله: "اللَّي بفتح اللام وتشديد الياء وهو المطل، والواجد بالجيم: الموسر. قال العلماء: يحل عرضه بأنْ يقول: ظلمني ومطلني، وعقوبته الحبس والتعزير". اهـ شرح صحیح مسلم، ۲۲۷/۱۰

تنبيه: ينشر بعض الخوارج قصة عن الفاروق عمر فيها اعتراض سلمان الفارسي عليه يستدلون بها على الخروج على الولاة والإنكار العلني عليهم وهي قصة مكذوبة لا أصل لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.