السبت، 31 ديسمبر 2022

ذهاب العلم بذهاب العلماء

 [ ذهاب العلم بذهاب العلماء ]

روى الإمام البخاري في صحيحه تحت ( بَابٌ : كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ ؟ ) بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

"إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ".

ورواه مسلم أيضًا، فهو متَّفَقٌ عليه،


ورواه الترمذي تحت: ( بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ العِلْمِ ).


وفي رواية للبخاري: "فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ".


➖قال العلّامة زيد بن محمد بن هادي -رحمه الله- في شرح الحديث:

"فإذا مات العلماء ذهب العلم، حتى لو كان مقيَّدًا في الدفاتر، فلا بُدَّ من عالمٍ يبيّنه ويشرحه للناس". اهـ

📚نزهة القاري في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري ص١٨٢ .


قال الإمام الدارمي في مسنده (٢٤٧) : حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ - هُوَ ابْنُ خَبَّابٍ - قَالَ : 


سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ ، قُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا عَلَامَةُ هَلَاكِ النَّاسِ ؟ 


قَالَ : إِذَا هَلَكَ عُلَمَاؤُهُمْ. اهـ

إسناده صحيح، وسعيد بن جبير تابعي جليل إمام فقيه من أشهر تلاميذ ابن عباس.


➖وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 

" يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ ، وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ". قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَ هُوَ ؟ قَالَ : " الْقَتْلُ الْقَتْلُ ".


قال العلّامة عبد المحسن العبّاد -حفظه الله-:

"قوله: [(وينقص العلم)]، يعني: يحصل نقصان العلم وقلته وضعف أهله وذلك بالانشغال عنه، وبموت أهله الذين هم متمكّنون منه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من قلوب الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)، فالقرّاء كثيرون والفقهاء قليلون وما أكثر مَن يقرأ وما أقل مَن يفْقه، ومعلوم أن ذهاب أهل العلم الذين هم متمكّنون منه والذين هم مرجع فيه يُعد خسارة كبيرة على الناس، ويتضح ذلك في هذا الزمان بوفاة شيخ الإسلام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، والشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله عليه، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه، فإنّ هذا يبيّن لنا أنّ ذهاب مثل هؤلاء نقصٌ كبير وخسارة كبيرة للناس؛ لِمَا أعطاهم الله عز وجل من سعة العلم ونفع الناس، وما خلّفوه من تراث وعِلم يبيّن لنا شدة الخسارة وعِظَم المصيبة بذهاب من هو متمكن في العلم".

📚شرح سنن أبي داود للعبّاد ٤٧٧ / ٦


➖وقال الحافظ ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان (٦٦) تحت ( باب ذهاب العلم ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «هَلْ يُدْرَى كَيْفَ يَنْقُصُ الْإِسْلَامُ؟» قَالُوا: كَيْفَ؟ قَالَ: «كَمَا تُنْقِصُ الدَّابَّةَ سَمْنَهَا، وَكَمَا يَنْقُصُ الثَّوْبُ عَنْ طُولِ اللُّبْسِ، وَكَمَا يَقْسُو الدِّرْهَمُ عَنْ طُولِ الْخَبْوِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْقَبِيلَةِ عالِمَانِ، فيَمُوتُ أحَدُهُمَا فَيَذْهَبُ نِصْفُ عِلْمِهِ، ويَمُوتُ الْآخَرُ فَيَذْهَبُ عِلْمُهُمْ كُلُّهُ». اهـ


وإسناده صحيح على شرط الشيخين