الأربعاء، 19 نوفمبر 2025

بعض المسائل المتعلقة بالمسح على الخُفَّين والجوارب ونحوهما للعلّامة ابن عثيمين -رحمه الله-.

س: ما صحة ما اشترطه بعض الفقهاء أنْ يكونَ الخُفّان ساتِرَيْن لمحل الفرض؟


ج: هذا الشرط ليس بصحيح، لأنه لا دليل عليه؛ فإنّ اسم الخُف أو الجورب ما دام باقيًا فإنه يجوز المسح عليه؛ لأنّ السنّة جاءت بالمسح على الخف على وجهٍ مُطلَق، وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحدٍ أنْ يقيّده إلا إذا كان لديه نَصٌّ من الشارع أو قاعدة شرعية يتبيَّن بها التقييد، وبناء على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرَّق، ويجوز المسح على الخف الخفيف؛ لأنه ليس المقصود من الخف: الستر -ستر البشرة-، وإنما المقصود من الخف أنْ يكون مدفئًا للرِجل ونافعًا لها، وإنما أُجِيزَ المسح على الخف لأن نزعه يشق، وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل، ولا بين الجورب المخرَّق والجورب السليم، والمهم أنه ما دام اسم الخف باقِيًا فإنّ المسح عليه جائز.


س: رجل يمسح على كنادر [يعني حذاء] في أول مرة، ففي المرة الثاني خلَعَ الكنادر ومسح على الشُّرَّاب، هل يصح مسحه؟ أم لا بد من غسل الرِّجل؟


ج: هذا فيه خلاف، فمِنْ أهل العلم مَنْ يرَى أنه إذا مَسَح أحَدَ الخُفَّين الأعلى أو الأسفل تعَلَّقَ الحُكْمُ به ولا ينتقل إلى ثانٍ.

ومنهم مَنْ يرَى أنه يجوز الانتقال إلى الثاني ما دامت المدة باقية، فمثلًا إذا مسح على الكنادر ثم خلعها وأراد أنْ يتوضأ فله أنْ يمسح على الجوارب التي هي الشُّرّاب على القول الراجح.

كما أنه إذا مسح على الجوارب ثم لَبِسَ عليها جوارب أخرى أو كنادر ومسح على العُليا فلا بأس به على القول الراجح، ما دامت المدة باقية، لكن تُحسب المدة من المسح على الأول لا من المسح على الثاني.


س: ما حكم خَلْعِ الشُّرّاب أو بعضٍ منها ليحك بعض قدمه أو يزيل شيئًا في رِجله كحجر صغير ونحوه؟


ج: إذا أدخل يديه من تحت الشرّاب (الجوارب) فلا بأس في ذلك ولا حرج، أمّا إنْ خلَعَها فيُنظر: إنْ خلَعَ جزءًا يسيرًا فلا يضر، وإنْ خَلَع شيئًا كثيرًا بحيثُ يظهر أكثر القدم فإنه يبطل المسح عليهما في المستقبل.


وقال الشيخ -رحمه الله-: تبدأ مدة المسح من أول مسحٍ بعد الحَدَث، وتنتهي بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم، واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر؛ لِمَا روى عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: جَعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثةَ أيامٍ ولياليهن. رواه مسلم في صحيحه.


📚 يُنظر: بحوث وفتاوى في المسح على الخفّين للعلّامة ابن عثيمين ص٢٩ وما بعدها

السبت، 15 نوفمبر 2025

عدوان بعض المنتسبين للسّنة وحال أهل الأهواء

 لا ننكر أنّ مِن المنتسبين إلى السنّة مَنْ عنده بغْيٌ وتجاوز في نقده لبعض أهل الأهواء والبدع من الثوريين وغيرهم، وهو بذلك آثِمٌ ومشوِّهٌ لدعوة السنّة القائمة على العدل مع القريب والبعيد

ولكن هذا لا يجعله مساوِيًا لأهل الأهواء أو أسوءَ منهم؛ فإنّ البغْيَ والعدوان على الخلْق ملازِمٌ لأهل الأهواء لا ينفكّ عنهم، وأعظم من ذلك: افتراؤهم على رب العالمين بتحريفهم للدين ومشاركة الله سبحانه وتعالى بالتشريع الذي هو حقٌّ لله وحده؛ قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "أهل الأهواء والبدع كلهم مُفْتَرُون على الله، وبدعتهم تتغلّظ بحسب كثرة افترائهم عليه، وقد جعل الله مَن حرَّم ما أحَلَّهُ اللهُ وحلَّلَ ما حرّمه الله مفترِيًا عليه الكذب... فلهذا تغلّظت عقوبة المبتدع على عقوبة العاصي، لأن المبتدِع مفْتَرٍ على الله مخالفٌ لأمْرِ رسوله لأجل هوَاه". [الحِكَم الجديرة بالإذاعة ص٣٣]

فلا مجال للمقارنة بين صاحب المعتقد الصحيح -وإنْ كانَ فاسقًا عمليًّا- وبين صاحب الهوى المعتدي على رب العالمين -وإنْ كان متظاهرًا بالعبادة كالخوارج المفسدين-.

الخميس، 13 نوفمبر 2025

الفقيه حق الفقيه، ولا خيرَ في..

عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال:

"ألَا أُنَبِّئُكم بالفقيهِ حقّ الفقيه؟ مَنْ لم يقنِّط الناسَ من رحمةِ الله، ولم يرخِّص لهم في معاصي الله، ولم يؤمِّنْهُم مكْرَ الله، ولم يترك القرآنَ إلى غيره، ألَا لا خيرَ في عبادةٍ ليس فيها تفَقُّه، ولا خيرَ في فقهٍ ليس فيه تفَهُّم، ولا خيرَ في قراءةٍ ليس فيها تدَبُّر".

رواه أبو داود في الزهد (١٠٤) والآجُرِّي في أخلاق العلماء (٥٢) وغيرهما، وإسناده حسن، وله طريق آخر رواه الدارمي (٣٠٦) وغيره، والأثر حسّنه الشيخ وصي الله عباس في شرح كتاب أخلاق العلماء - شعبان ١٤٤٥هـ .

الأربعاء، 12 نوفمبر 2025

ليس بعد أداء الفرائض شيءٌ أفضل من طلب العلم

 روى البيهقي في المدخل (١٥٨١) بسند صحيح عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال:


"ليس بعد أداء الفرائض شيءٌ أفضل من طلب العلم". قيل له: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل".

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟

عن التابعية الجليلة مُعَاذَةَ العَدَوِيّةِ -رحمها الله-، قالت:

سَأَلْتُ عائشةَ -رضي اللهُ عنها- فقُلت: ما بَالُ الحائِضِ تَقْضِي الصومَ ولا تَقْضِي الصلاة؟ فقالت:

"أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟!".

قلت: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ ولكنّي أَسْأَل.

قالت: "كان يُصِيبُنا ذلك فنُؤْمَرُ بقضاءِ الصوم، ولا نؤمر بقضاءِ الصلاة".


متفَقٌ عليه، واللفظ لمسلم (٣٣٥).

(حَرُوريّة) أيْ: خارِجِيّة، مِنَ الخوارج.

➖قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "أَنْكَرَتْ عليها عائشة السؤال وخَشِيَتْ عليها أنْ تكون تَلَقَّتْهُ من الخوارج الّذين جَرَتْ عادَتُهُم باعتراضِ السنن بآرائهم".

📚 فتح الباري ٤ / ١٩٢

الخميس، 6 نوفمبر 2025

الخوارج يسمّون أهل السنّة والجماعة مرجئة

قال الإمام الحافظ -تلميذ الإمام أحمد- حرب الكرماني -رحمه الله-:


"وقد أحدَثَ أهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة فسمّوا بها أهل السنة يريدون بذلك عَيبهم والطعن عليهم والوقيعة فيهم والازدراء بهم عند السفهاء والجهال... وأمّا الخوارج فإنهم يسمّون أهل السنة والجماعة مرجئة".


مسائل الإمام حرب الكرماني ٣ / ٩٨٥