الأحد، 27 فبراير 2022

اعتذار للإمام أبي حنيفة في كثرة القياس في مذهبه

قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى:

"قال الشعراني في الميزان ١/٦٢ ما مختصره: (واعتقادنا واعتقاد كل منصف في الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه لو عاش حتى دُوّنت الشريعة، وبعد رحيل الحفّاظ في جمْعها من البلاد والثغور، وظفر بها، لأخَذَ بها وترَكَ كل قياس كان قاسه، وكان القياس قَلَّ في مذهبه، كما قل في مذهب غيره بالنسبة إليه، لكن لمّا كانت أدلة الشريعة مفرَّقة في عصره مع التابعين وتابعي التابعين في المدائن والقرى والثغور؛ كَثُرَ القياس في مذهبه بالنسبة إلى غيره من الأئمة ضرورة لعدم وجود النص في

تلك المسائل التي قاس فيها، بخلاف غيره من الأئمة، فإنّ الحفّاظ كانوا قد رحلوا في طلب الأحاديث وجمعها في عصرهم من المدائن والقرى، ودوّنوها، فجاوبت أحاديث الشريعة بعضها بعضًا، فهذا كان سبب كثرة القياس في مذهبه وقِلّته في مذاهب غيره ).

ونقل القسم الأكبر منه أبو الحسنات في النافع الكبير ص ١٣٥ ، وعلّق عليه بما يؤيّده

ويوضحه. فليراجعه من شاء.

قلت [القائل: الألباني]: فإذا كان هذا عذر أبي حنيفة فيما وقع منه من المخالفة للأحاديث الصحيحة دُونَ قصد، وهو عذر مقبول قطعًا لأن الله تعالى لا يكلّفُ نفسًا إلا وُسعها، فلا يجوز الطعن فيه كما قد يفعل بعض الجهلة، بل يجب التأدب معه لأنه إمام من أئمة المسلمين الذين بهم حفظ هذا الدين ووصل إلينا ما وصل من فروعه، وأنه مأجور على كل حال أصاب أم أخطأ، كما أنه لا يجوز لمعظِّميه أنْ يَظلوا متمسّكين بأقواله المخالفة للأحاديث؛ لأنها ليست من مذهبه كما رأيت نصوصه في ذلك، فهؤلاء في واد وأولئك في واد، والحق بين هؤلاء وهؤلاء، {ربَّنا اغفِر لنا ولإخوانِنا الذين سبقونا بالإيمان ولا تَجعلْ في قلوبِنا غِلًّا للّذين آمنوا ربَّنا إنك رؤوفٌ رحيم}".

 أصل صفة الصلاة ١ / ٢٥ - ٢٦

الجمعة، 25 فبراير 2022

التعصب للوطن مبدأ خطير

 قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

"إنّ الواجب يا إخواني ألّا نكون وطنيّين وقوميّين، أَي: ألّا نتعصّب لقومِنا ولوطنِنا؛ لأنّ التعصب الوطني قد يَنْضَم تحت لوائه المؤمن والمسلم والفاسق والفاجر والكافر والملحد والعلماني والمبتدع والسُّني، وطن يشمل كل هؤلاء، فإذا ركّزنا على الوطنية فقط فهذا لا شك أنه خطير؛ لأننا إذا ركّزنا على الوطنية جاء إنسان مبتدع إلى إنسان سني وقال له: أنا وإيّاكَ مشتركان في الوطنية ليس لكَ فضلٌ عَلَيَّ ولا لي فضلٌ عليك، وهذا مبدأ خطير في الواقع.

والصحيح: هو التركيز على أن نكون مؤمنين ... ولا يستقيم الأمر إلّا أنْ يكون الجامع بيننا الإيمان: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، والآية نزلت في المدينة  وكان في المدينة يهود قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها؛ ومع ذلك فلم يدخلوا في الآية مع أنهم مواطنون، فإنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- مات ودِرْعُه مرهونة عند يهودي، فهذه مسألة خطيرة.

فالمبدأ الصحيح أنّ الذي يجمع بيننا هو الإسلام والإيمان، وبهذا نكسب المسلمين في كل مكان.

أمّا احتجاج بعض دعاة الوطنية بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمكة: «إنكِ أَحَبُّ البِقَاعِ إلى الله» فلا حُجّة لهم في ذلك؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يَقُل: إنكِ أحب البلاد إِلَيّ، بل قال: «أحب البقاع إلى الله»، ولذلك قال: «ولولا أنّ قومكِ أخرجوني منكِ ما خرجت» فلم يَقُل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك من أجل الوطنية، وإنما من أجل أنّ مكة أَحَب البقاع إلى الله -تعالى-، وهو -صلى الله عليه وسلم- يحب ما يحبه الله". 

 [لقاء الباب المفتوح (٤٨)]

الأحد، 13 فبراير 2022

تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام

{يا أيها الذين آمَنوا لا تحرِّموا طيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لكم ولا تَعتَدُوا إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتدين}


قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

"تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام لأن تحريم الحلال تضييق على عباد الله بدون علم، وتحليل الحرام -إنْ قُدّر أنه حرام- بناءً على الأصل، لأن الأصل في الأشياء الحِل إلا الشرائع فالأصل فيها الحظر".

تفسير سورة المائدة ٢ / ٣٠٢