السبت، 23 يوليو 2016

أُمة محمد أُمةٌ مرحومة



عن أبي بُردَة قال: كنت جالسًا عند عُبيد الله بن زياد فأُتِيَ برُءُوس الخوارج، كُلّما جاء رأس قلت: إلى النار، فقال عبدالله بن يزيد الأنصاري: أوَلَا تَعْلم يا ابن أخي أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّ عذاب هذه الأُمة جُعِلَ في دُنيَاها)).

رواه الحاكم في المستدرك، رقم 156، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصحّحه الألباني على شرط البخاري وحده


وعن أبي موسى -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُمتي هذه أُمةٌ مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل)). 

رواه أبو داود في سننه، رقم 4378، وغيره، وصحّحه الألباني


أَي يُعَجِّلُ الله لأمة محمد -صلى اللهُ عليه وسلم- ما يكفّر عنها الذنوب في الدنيا، وذلك بحصول الفتن فيما بينها وإذاقة بعضها بأس بعض، والزلازل، والقتل.

انظر التنوير للأمير الصنعاني، ج3 ص239-240


قال الإمام الألباني -رحمه الله-:
"اِعلم أنّ المقصود بـ"الأمة" هنا غالبها؛ للقَطْع بأنه لابُد من دخول بعضهم النار للتطهير، أَفاده المناوي". اهـ

السلسلة الصحيحة، ج2 ص749


وقال -رحمه الله- مبيِّنًا خطأ من ضعَّف هذا الحديث بدعوى أنه مخالف لأحاديث دخول ناسٍ من الأمة النار ثم خروجهم منها بالشفاعة:
"الحقيقة أنه لا تَعارُض عند التأمُّل... فإنه ليس المُراد به كل فرد من أفراد الأمة، وإنما من كان منهم قد صارت ذنوبه مكفَّرة بما أصابه من البَلَايا في حياته؛ كما قال البيهقي في شُعَب الإيمان (١/ ٣٤٢): "وحديث الشفاعة يكون فيمن لم تَصِرْ ذنوبه مكفَّرة في حياته".
قلت -أي الألباني-: فالحديث إذن من باب إطلاق الكل وإرادة البعض، أطْلَقَ "الأُمة" وأراد بعضها، وهم الذين كُفِّرَت ذنوبهم بالبلايا ونحوها ممّا ذُكِر في الحديث، وما أكثر المكفِّرات في الأحاديث الصحيحة والحمدُ لله، وفي ذلك أَلَّف الحافظ ابن حجر كتابه المعروف في المكفِّرات". اهـ

السلسلة الصحيحة، ج2 ص727-728 باختصار

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

النفوس المحرَّمة أربعة



قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:

"والنَّفْس المحرَّمة أربعة أنْفُس، هي: نفس المؤمن، والذِّمّي، والمُعاهَد، والمستأمِن، بكسر الميم: طالِب الأمان.
فالمؤمن لإيمانه، والذمي لذمّته، والمعاهَد لعهده، والمستأمِن لتأمينه.
والفرق بين الثلاثة -الذمي والمعاهَد والمستأمِن- أن الذمي هو الذي بيننا وبينه ذِمّة: أي عَهْدٌ على أن يُقِيم في بلادنا معصومًا مع بَذْل الجزية.
وأمّا المعاهَد فيقيم في بلاده لكنْ بيننا وبينه عهد أنْ لا يُحاربنا ولا نحاربه.
وأمّا المستأمِن فهو الذي ليس بيننا وبينه ذمة ولا عهد، لكننا أمَّنّاه في وقتٍ محدد، كرجل حربي دخل إلينا بأمان للتجارة ونحوها، أو لِيَفْهَم الإسلام، قال تعالى: {وإنْ أَحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ استجارَكَ فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كلامَ اللهِ ثم أَبْلِغْهُ مَأْمَنَه} [التوبة:٦].
وهناك فرقٌ آخر وهو أن العهد يجوز مِنْ جميع الكفار، والذمة لا تجوز إلا من اليهود والنصارى والمجوس دُونَ بقية الكفار، وهذا هو المشهور من المذهب، والصحيح: أنها تجوز من جميع الكفار.
فهذه الأنفس الأربع قَتْلُها حرام، لكنها ليست على حدٍّ سواء في التحريم، فنفس المؤمن أعظم، ثم الذمي، ثم المعاهَد، ثم المستأمِن". اهـ

القول المفيد على كتاب التوحيد ج١ ص٤٩٩-٥٠٠

الأربعاء، 13 يوليو 2016

هل وَصْفُ النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج بكثرة العبادة يدل على أنهم مُخْلِصُون؟




سُئِل الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-:

حديث: (تَحْقِرُون صلاتكم مع صلاتهم ...)،
هل يعني أنّه وصف الخوارج بالإخلاص؟

الجواب: 

"لا، لو عندهم إخلاص لأَخَذوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس عندهم إخلاص، الله أعلم عندهم شيء من الرياء، وعندهم عبادة غير صحيحة ومبالَغة في العبادة، فقد جاء ثلاثة نَفَر إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبِرُوا كأنهم تقالُّوها [أي وَجَدوا تلك العبادة قليلة] فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؟ قال أحدهم: أمّا أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أمَا والله إني لأَخشاكُم لِله وأَتْقاكُم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رَغِبَ عن سُنّتي فليس مني)

فهؤلاء الخوارج لمّا غَلَوا في العبادة وتجاوَزوا الحد وقعوا في الغلو هذا بارك الله فيكم، ضلال لا نَحمدهم عليه، بل هذا ذَمٌّ لهم لأنهم وقعوا في الغلو.

الصحابة أفضل خلق الله وأَعبد الناس لِله، يعني هؤلاء يصلّون أكثر منهم؟ وهم يقرؤون القرآن أكثر منهم؟ فهم يقرؤون القرآن ويفهمونه على غير مرامِيه ومقاصده. يا أخي أنا أقرأ آية واحدة في الصلاة على سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم خير من قيام الليل كله، فهذا غلو في العبادة، هم خارِجون عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وراغبون عنها، هم أهل ضلال، فهذا ليس مدْحًا لهم ولا يعني ثناءً عليهم بالإخلاص". اهـ


مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، ج14 ص421-422

الأحد، 3 يوليو 2016

فصل ما بين أهل السنة وبين أهل البدع



قال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني -رحمه الله-:

"اِعلم أنّ فصْلَ ما بيننا وبين المُبتدِعة هو مسألة العقل، فإنهم أسّسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتِّباع والمأثور تَبَعًا للمعقول، وأمّا أهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتّباع، والمعقول تَبَع". اهـ

الحُجة في بيان المحجة 1/241


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

"فالأصل الذي افترق فيه المؤمنون بالرسل والمخالفون لهم: تقديم نصوصهم على الآراء وشرعهم على الأهواء. وأصلُ الشر مِنْ تقديم الرأي على النص، والهوى على الشرع.
فمن نوَّر اللهُ قلبه فرأى ما في النص والشرع من الصلاح والخير وإلّا فعليه الانقياد لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرْعه، وليس له معارضته برأيه وهواه". اهـ

منهاج السنّة ج8 ص411