السبت، 22 يناير 2022

خوف السلف من النفاق الأصغر وهو نفاق العمل


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:


"ونحن نَعلم أنّ التوكلَ على الله فرض، والإخلاص له فرض، ومحبة الله ورسوله فرض، والصبر على فِعل ما أمَرَ الله وعمّا نهَى الله عنه وعلى المصائب التي تُصِيبُه فرض، وخشية الله وحدَه دُونَ خشيةِ الناس فرض، والرجاء لله وحدَه فرض، وأمثال ذلك من الأعمال الباطنة والظاهرة والتي يَحصُل التقصيرُ في كثيرٍ منها لعامّة الخلق.


وأيُّ نوع من هذه الأنواع إذا تدَبَّر بعضُ الصدّيقين فيه حالَهُ يَجِده قد ظَلَم نفسَه فيه ظلمًا كثيرًا، دَع ما سوى ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، وكالقيام بحقوق الأهل والجيران والمؤمنين، وإكمال كل واجب كما أمر به، وأمثال ذلك مما لا يُحصَى.


وقد ذكر البخاري عن ابن أبي مُليكةَ قال: (أدركتُ ثلاثين من أصحاب محمد كلُّهم يخاف النفاقَ على نفسِه). وفي الصحيح أنّ حنظلةَ الكتاب لما قال: (نافق حنظلة)، قال أبو بكر: (إنّا لَنَجد ذلك).


فهؤلاء كانوا يخافون على أنفسهم النفاق لكمال عِلمهم وإيمانهم، ولهذا كان عبد الله بن مسعود وغيره من السلف يستثنون الإيمان فيَقُول أحدُهم: (أنا مؤمنٌ إنْ شاء الله)".


 جامع المسائل ٤ / ٦٢



قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:


"النفاق أصغر وأكبر؛ فالنفاق الأصغر هو نفاق العمل، وهو الذي خافه هؤلاء -السلف- على أنفسهم، وهو باب النفاق الأكبر، فيُخشى على من غلب عليه خصال النفاق الأصغر في حياته أنْ يُخرِجَه ذلك إلى النفاق الأكبر حتى ينسلخ من الإيمان بالكلية، كما قال تعالى {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ} وقال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّة} [الأنعام: ١١٠]".


 فتح الباري لابن رجب ١ / ١٩٥



قال الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:


"النفاق الأصغر: نفاق العمل، وهو أنْ يُظْهِر الإنسان علانيةً صالحة، ويُبطِن ما يخالف ذلك. وأمّا النفاق الأكبر فهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا النفاق -أي: الأكبر- الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن بذم أهله وأخبَرَ أنهم في الدرك الأسفل من النار".


 التحفة الربانية في شرح الأربعين النووية ص١٠٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.