الثلاثاء، 4 مايو 2021

بعض الآثار عن الصحابة الكرام في التعامل مع جَور الولاة

١- عَنْ التابعي الكبير سُوَيدِ بن غَفَلَةَ، قال: قال لي عُمَر -رضي الله عنه-: "يا أبا أُمَيَّة، إنّي لا أدرِي، لَعَلِّي لَا أَلقَاكَ بَعدَ عامِي هذا، فَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكَ عَبدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فاسْمَعْ لَهُ وأَطِع، وإِنْ ضَرَبَكَ فَاصبِر، وإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِر، وإِنْ أَرَادَ أَمْرًا يُنْقِصُ دِينَكَ فَقُل: سَمعًا وطاعَة، دَمِي دُونَ دِينِي، ولا تُفَارِقِ الجماعة".

رواه الخلّال في السنّة (٥٤) وغيره، وسَنَدُه صحيح

معنى (سمعًا وطاعة، دمي دون ديني) أي: فإنْ أمَرَك بفِعل معصية وقال: لَئِنْ لم تَفعل ما آمُرك به وإلّا قتلتك أو ضربتك، فقُل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
الشريعة للآجُرّي ١ / ٣٧٩

٢- ‏عن عبدالله بن مسعود رضي اللهُ عنه قال: "إنّ هذا السلطان قد ابْتُلِيتُم به، فإنْ عَدَل كان له الأجر وعليكم الشكر، وإنْ جارَ كان عليه الوِزر وعليكم الصبر".

رواه ابن أبي شيبة (٣٧٢٩٤) وسَنَدُه حَسَن

٣- عَنْ التابعي الجليل محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ قال: بَلَغَ ابنَ عُمَرَ -رضي الله عنه- أنّ يزيدَ بنَ معاويةَ بُويِعَ لَه، فقال: "إنْ كانَ خيرًا رَضِينَا، وإنْ كانَ شَرًّا صَبَرنَا".

رواه ابن أبي شيبة (٣٠٥٧٥) وسَنَدُه صحيح

٤- عن نافع، قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حِين كان مِن أمْرِ الحرّة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرَحُوا لأبي عبد الرحمن وِسَادة. فقال ابن عمر: إني لم آتِكَ لأَجْلِس! أتيتُك لِأُحَدِّثُكَ حديثًا سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقوله؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ خَلَعَ يدًا مِنْ طاعة لقي الله يوم القيامة لا حُجّة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتَةً جاهلية).

رواه مسلم (١٨٥١).

(أمْر الحَرّة ما كان) أي: لمّا خلع بعض الناس بيعة يزيد.

٥- عن الزبيرِ بنِ عَدِي، قال: أَتَيْنَا أنس بنَ مالك -رضي الله عنه- فشَكَونَا إليهِ ما نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فقال: اصبِرُوا؛ فإِنَّهُ لا يأتِي عليكُم زمانٌ إلّا الذي بعدَهُ شَرٌّ منه حتى تَلْقَوْا رَبَّكُم، سَمِعتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى اللهُ عليهِ وسلم.

رواه البخاري (٧٠٦٨)

٦- عن سَعِيد بن جُمهان أنه قال لعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه: إنّ السلطانَ يَظلم الناسَ ويَفعَلُ بهم! قال: فتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمزَةً شديدة، ثم قال: وَيْحَكَ يا ابنَ جُمهَان! عليكَ بالسوادِ الأعظم، عليك بالسوادِ الأعظم، إِنْ كانَ السلطانُ يَسمَعُ مِنْكَ فأْتِهِ فِي بيتهِ فأَخْبِرْهُ بِمَا تَعلَمُ، فإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وإِلّا فَدَعْهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْه.

رواه أحمد (١٩٤١٥) وحسّن إسناده الألباني في تخريج السنّة لابن أبي عاصم

✔️هذه بعض الآثار أخي المسلم الموافقة تمامًا للأحاديث الصحيحة الصريحة في وجوب طاعة من يتولى أمور المسلمين وتحريم منازعتهم ووجوب الصبر على جورهم والمحافظة على جماعة المسلمين من التفرق والفتن والفساد

⬅️وأمّا بعض القصص التي ينشرها دعاة الثورات كقصة سلمان مع عمر وقول البعض لأبي بكر (قوّمناك بسيوفنا) فهي قصص مكذوبة لا أصل لها بل تتنافى مع ما كان عليه الصحابة الكرام من المبادرة للعمل والتسليم لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

💎قال الإمام الجليل ابن أبي العِز الحنفي رحمه الله: "وأمّا لزوم طاعة أُولي الأمر وإنْ جاروا فلِأنّه يترتب على الخروج مِن طاعتهم مِن المفاسد أضعاف ما يحصل من جَوْرهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيّئات ومضاعفة الأجور، فإنّ الله تعالى ما سلَّطَهُم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاءُ من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل. قال تعالى: {وما أصَابَكُمْ مِنْ مصيبةٍ فبِمَا كسَبَتْ أَيْدِيكُم ويَعفُو عن كثير}".

شرح الطحاوية ٢ / ٥٤٣

💭واعلَم أخي المسلم أنّ كثيرًا من الأفكار السلبية تجاه ولاة أمور المسلمين هي في الحقيقة نتاج تحريض دعاة الفتن المستمر وإلا فالنعم كثيرة جدا مع تقصيرنا الكبير والله المستعان
فلا تكن فريسة لمن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم (دعاةٌ على أبواب جهنم مَنْ أجابهم قذفوهُ فيها)! قال الحافظ ابن حجر: "المُراد بالدعاة على أبواب جهنم: مَنْ قامَ في طَلَبِ المُلك مِن الخوارج وغيرهم". فتح الباري ١٣ / ٣٦

نسأل الله تعالى أن يثبّتنا على دينه حتى نلقاه وأنْ لا يجعلنا ممن يُؤْثِرُون الحياة الدنيا على الآخرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.