الاثنين، 29 أغسطس 2016

من مات وليس في عُنُقِه بيعة، مات مِيتَةً جاهلية



عن ابن عمر -رضي اللهُ عنه- أنه قال لرجل خَلَعَ يزيد بن معاوية وخَرَج عليه: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ خَلَعَ يدًا مِنْ طاعة لَقِيَ اللهَ يوم القيامة لا حُجّة له، ومن مات وليس في عُنُقِه بيعة مات مِيتَةً جاهلية)).
رواه مسلم في صحيحه، 1851


قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-:
"يعني ليست ميتة إسلامية، بل ميتة أهل الجهل -والعياذ بالله-، وسيجد جزاءه عند الله عز وجل. فالواجب أن يعتقد الإنسان أنّ له إمامًا وأنّ له أميرًا يَدِينُ له بالطاعة في غير معصيةِ الله... فمن مات وهو يعتقد أنه ليس له ولي أمر وأنه ليست له بيعة فإنه يموت ميتة جاهلية". اهـ
شرح رياض الصالحين، ج3 ص656-657 باختصار 


وقال الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-:
"الأئمة مُجمِعون من كل مذهب على أنّ من تغلَّب على بلد أو بلدان، له حُكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأنّ الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمامٍ واحد، ولا يعرفون أحدًا من العلماء ذكر أنّ شيئًا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم". اهـ
الدرر السَّنِيّة، ج9 ص5


وقال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-:
"يجب على كل مسلم أنْ يكون له إمامٌ سواء كان إمامًا عامًّا كما جرى في عهد الخلفاء الراشدين ومَنْ بَعْدهم من الخلفاء، أو إمامًا في منطقة كما هو الحال الآن. ومنذ أزمنة بعيدة من زمن الأئمة الأربعة ومَنْ بَعدهم والمسلمون متفرِّقون، كلُّ جهة لها إمام، وكلُّ إمامٍ مسموع له ومُطَاع بإجماع المسلمين، ولم يقل أحدٌ من المسلمين: إنه لا تجب الطاعة إلّا إذا كان خليفةً واحدًا على جميع بلاد الإسلام!، ولا يمكن أن يقول أحدٌ بذلك؛ لأنه لو قيل بهذا ما بقي للمسلمين الآن إمامٌ ولا أمير، ولَمَاتَ الناسُ كلهم ميتة جاهلية؛ لأن الإنسان إذا مات وليس له إمام فإنه يموت ميتة جاهلية، يُحْشَر مع أهل الجهل -والعياذ بالله- الذين كانوا قبل الرسالات.

فالإمام في كل مكان وفي كل منطقة بِحَسبها، فمثلًا نحن هنا في السعودية أئمتنا آل سعود لهم علينا البيعة، يجب علينا طاعتهم في غير معصية الله عز وجل، وهم أئمتنا ونَدِين اللهَ تعالى بالولاء لهم، ونعتقد أن بيعتهم في أعناقنا، ولو مات الإنسان على غير هذه العقيدة في هذه البلاد لمات ميتة جاهلية؛ لأنه مات بلا إمام، وكذلك أيضًا في مصر وفي غيرها من البلاد، كلٌّ له إمام جعل اللهُ له السلطة عليه. ولو قلنا لا إمام إلا الإمام الذي يعمُّ جميع بلاد المسلمين ما بقي للمسلمين اليوم أئمة، ولكانت ميتة المسلمين كلهم ميتة جاهلية -والعياذ بالله-...

وقد يقول قائلٌ مثلًا: نحن لم نبايع الإمام فليس كل واحدٍ بايَعَه؟ فيُقال: هذه شبهة شيطانية باطلة؛ فالصحابة -رضي الله عنهم- حين بايعوا أبا بكر -رضي الله عنه- هل كل واحد منهم بايع حتى العجوز في بيتها والبائع في سوقه؟ أبدًا، المبايعة لأهل الحل والعقد، ومتى بايعوا ثبتت الولاية على كل أهل هذه البلاد شاء أو أَبى، ولا أظن أحدًا من المسلمين -بل العقلاء- يقول إنه لابُد أن يبايع كل إنسان ولو في جحر بيته ولو عجوزًا أو شيخًا كبيرًا أو صبيًّا صغيرًا! ما قال أحدٌ بهذا، حتى الذين يدَّعون الديمقراطية في البلاد الغربية وغيرها لا يفعلون هذا، وهم كاذبون؛ حتى انتخاباتهم كلها مبنيّة على التزوير والكذب ولا يُبَالُون أبدًا إلّا بأهوائهم فقط.

الدين الإسلامي متى اتفق أهل الحل والعقد على مبايعة الإمام فهو الإمام شاء الناس أو أَبَوْا، فالأمرُ كله لأهل الحل والعقد، ولو جُعِل الأمر لعامة الناس حتى للصغار والكبار والعجائز والشيوخ وحتى مَنْ ليس له رأي ويحتاج أن يُوَلَّى عليه، لو قِيلَ بهذا ما بقي للناس إمام؛ لأن الناس لابُد أن يختلفوا ولا يمكن أن يتفقوا، أمّا إذا جُعل لأهل الحل والعقد واتَّفقوا على شخصٍ أن يكون أميرهم فهو أميرهم المُطاع الذي يجب أن لا يموت الإنسان إلا وفي عنقه بيعة له، فإنْ لم يفعل فإنه يموت ميتة جاهلية -والعياذ بالله-". اهـ
شرح رياض الصالحين، ج6 ص648-650 باختصار


وقال أيضًا -رحمه الله-:
"ومن مات وليس في عنقه بيعة لأحد مات ميتة جاهلية، ومن تولَّى أمر المسلمين ولو بالغلبة فهو إمام". اهـ
شرح الأربعين النووية، ص149

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.